لا يمكن أيَّ شيء متوقف تماماً عن الحركة، أن يقع في خطأ. فهو في توقّفه، خارج الحركة، وبالتالي خارج الخطأ، بل خارج الزمن والتاريخ أيضاً.

فأي خطأ سيرتكب غير ذلك؟ وذلك يكفي. والإنسان كذلك، لا يستطيع ألّا يخطئ متى قرر أن يعمل. وقد احترم الحزب الشيوعي اللبناني قاعدة الطبيعة تلك.
لم يكن سهلاً على الحزب الشيوعي، مع بداية الحرب الأهلية، أن يقف محايداً كي لا يخطئ. فدخل الحرب رغم ملاحظته أنها، بسرعة، عادت الى طابعها الجذري ـــــ الأساسي وهو الطائفية. وربما كانت اللمحات أو اللحظات المعدودة اللاطائفية في هذه الحرب إذا استثنينا الأكثرية الصامتة المتهمة دوماً بالبراءة، والعلم اليقين بذلك عند ربّنا وحده. لحظات على علاقة بوجود الحزب الشيوعي اللبناني أولاً. حارب الحزب كثيراً وعلى كل الجبهات، لكنه حورب أكثر. وأهمّ مَن حاربه حلفاؤه الذين حاربوا به. وحين حان وقت الخطأ، أخطأ. لست هنا سوى شيوعي واحد ولا يمكنني ولا يحقّ لي هنا أن أناقش أخطاءه الكبرى. سوى أني أظنّ أنّ أكبرها: إدمان النقد الذاتي. تقع المشكلة في أنّ ماركس، بحديثه عن النقد الذاتي، لم يحدّد كيفية استعماله ولا عدد الجرعات والمقادير، ولم يسمع طبعاً في زمانه بإعادة النقد الذاتي، زيادة في التأكيد!
وجاء وقت الذيول، فكما لكلّ حادث حديث، لكلّ حدث ذيول. وقد بدأت تتضّح، على مستوى القاعدة والقيادة، بشكل متوازٍ، سبحان الله، مع بداية التسعينات، ودائماً بحسب رأيي. وكان عنوانها: الضياع. وخاصة بعد ما راح بعض فهلويّي الشيوعيين يسوّق أنه طالب بـ«البيرسترويكا» قبل غورباتشيف وتنبأ بانهيار الاتحاد السوفياتي قبل الروس وأفحم ميشال حايك ونانسي عجرم قبل أن يشبّا. الموضوع فيه حرقة شديدة وإغراء على قدرها، للسباب والتزفير، ولا الوقت يسمح ولا المكان، وخاصة أن ما كان قد كان. فأهمّ الذيول الفعلية لهذا الضياع كان اختلاف توجّهات الضائعين في القاعدة والقيادة، في الوقت الذي كانت فيه أطراف سياسية أخرى تعمل، وتعمل بجدّ، في البلاد، واستطاعت أن تشكّل منفذين أساسيين لهؤلاء بحسب الرسم الآتي:

هنا أعزائي، مع مَن يمكن أن نتحالف اليوم؟ مع من تريدون بربّكم؟ حلّلوا كما شئتم عن تناقض المادية والدين، عن علاقة الماركسية بالإسلام، حلّلوا واستغربوا تحالف الأصولية مع الشيوعيين، حلّلوا وناقشوا وإن وصلتم الى نتيجة غير واقعنا نفسه الآن، بلّغونا بها علّنا نعرف ما العمل.

 

 

30 octobre 2007

RETOUR AU SOMMAIRE